فصل: (فَرْعٌ): (الْفَائِتَةُ لا تَسْقُطُ بِحَجٍّ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى



.(فَصْلٌ): [كيف يُدرك الوقتُ]:

(يُدْرَكُ وَقْتٌ بِتَكْبِيرَةِ إحْرَامٍ) فِي وَقْتِ مَكْتُوبَةٍ سَوَاءٌ أَخَّرَهَا لِعُذْرٍ كَحَائِضٍ تَطْهُرُ، وَمَجْنُونٍ يُعْتَقُ أَوْ لِغَيْرِهِ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ سَجْدَةً مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ أَوْ مِنْ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَهَا» رَوَاه مُسْلِمٌ وَالْبُخَارِيُّ. فَلِيُتِمَّ صَلَاتَهُ وَكَإِدْرَاكِ الْمُسَافِرِ صَلَاةَ الْمُقِيمِ وَإِدْرَاكِ الْجَمَاعَةِ (فَتَقَعُ كُلُّهَا أَدَاءً، وَلَوْ) كَانَتْ الْمَكْتُوبَةُ (جُمُعَةً)، وَأَدْرَكَ مِنْهَا تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ فِي وَقْتِهَا فَقَدْ أَدْرَكَهَا أَدَاءً كَبَاقِي الْمَكْتُوبَاتِ (أَوْ) كَانَ الْوَقْتُ الَّذِي كَبَّرَ فِيهِ لِلْإِحْرَامِ (آخِرَ وَقْتِ ثَانِيَةٍ فِي جَمْعٍ)، فَتَكُونُ الَّتِي أَحْرَمَ بِهَا فِيهِ أَدَاءً، كَمَا لَوْ لَمْ يَجْمَعْ، (وَلَا تَبْطُلُ) الصَّلَاةُ الَّتِي أَحْرَمَ بِهَا (بِخُرُوجِهِ)- أَيْ: وَقْتِهَا- (وَهُوَ فِيهَا)- أَيْ: الصَّلَاةِ- فَيُتِمُّهَا أَدَاءً (وَلَوْ) كَانَ (أَخَّرَهَا عَمْدًا) لِعُمُومِ مَا سَبَقَ، (وَ) قَالَ الْمَجْدُ: (مَعْنَى) إدْرَاكِ (أَدَائِهَا) بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (بِنَاءً مَا خَرَجَ) مِنْهَا (عَنْ وَقْتِهَا عَلَى تَحْرِيمَةِ الْأَدَاءَ) فِي الْوَقْتِ، وَأَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بَلْ تَقَعُ الْمَوْقِعَ فِي الصِّحَّةِ وَالْإِجْزَاءِ، وَتَبِعَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَابْنُ عُبَيْدَانَ. (وَمَنْ جَهِلَ الْوَقْتَ) فَلَمْ يَدْرِ أَدَخَلَ أَوْ لَا؟ (وَلَا تُمْكِنُهُ مُشَاهَدَةُ) مَا يُعْرَفُ بِهِ الْوَقْتُ لِعَمًى أَوْ مَانِعٍ مَا، (وَلَا مُخْبِرَ عَنْ يَقِينٍ) بِدُخُولِ الْوَقْتِ: (صَلَّى إذَا ظَنَّ دُخُولَهُ)- أَيْ: الْوَقْتِ- بِدَلِيلٍ مِنْ اجْتِهَادٍ، أَوْ تَقْدِيرِ الزَّمَنِ بِصَنْعَةٍ أَوْ قِرَاءَةٍ وَنَحْوِهِ، لِأَنَّهُ أَمْرٌ اجْتِهَادِيٌّ فَاكْتَفَى بِهِ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ كَغَيْرِهِ، وَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهُ حَتَّى يَتَيَقَّنَ دُخُولَ الْوَقْتِ، قَالَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ. (لَا إنْ شَكَّ) فِي دُخُولِ الْوَقْتِ فَلَا يُصَلِّي حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ دُخُولُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ دُخُولِهِ، فَإِنْ صَلَّى مَعَ الشَّكِّ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ، وَإِنْ وَافَقَ الْوَقْتَ لِعَدَمِ صِحَّةِ صَلَاتِهِ، كَمَا لَوْ صَلَّى مَنْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ مِنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ. (وَيُعِيدُ إنْ) اجْتَهَدَ، وَتَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ (أَخْطَأَ ظَنُّهُ) الْوَقْتَ فَصَلَّى قَبْلَهُ، لِوُقُوعِهَا نَفْلًا وَبَقَاءِ فَرْضِهِ عَلَيْهِ، وَلَا يُعِيدُ إنْ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ أَصَابَ الْوَقْتَ، أَيْ: صَلَّى فِيهِ (أَوْ) أَصَابَ (مَا بَعْدَهُ)، أَيْ: الْوَقْتِ وَمَضَتْ صَلَاتُهُ عَلَى الصِّحَّةِ لِوُقُوعِهَا مَوْقِعَهَا (وَلَوْ نَوَى إنْ كَانَ دَخَلَ الْوَقْتُ فَ) هَذِهِ الصَّلَاةُ (فَرْضٌ وَإِلَّا) يَكُنْ دَخَلَ الْوَقْتُ (فـَ) هِيَ (نَفْلٌ لَمْ تَنْعَقِدْ) صَلَاتُهُ، لِعَدَمِ جَزْمِهِ بِالنِّيَّةِ (وَالْأَوْلَى تَأْخِيرُ) الصَّلَاةِ (احْتِيَاطًا) حَتَّى يُتَيَقَّنَ دُخُولُ الْوَقْتِ، وَيَزُولَ الشَّكُّ (إلَّا أَنْ يَخْشَى خُرُوجَ وَقْتٍ)، أَوْ (إلَّا) فِي وَقْتِ (غَيْمٍ) لِصَلَاةِ (عَصْرٍ فَيُسَنُّ تَبْكِيرٌ)، لِحَدِيثِ بُرَيْدَةَ قَالَ: «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ فَقَالَ: بَكِّرُوا لِصَلَاةِ الْعَصْرِ فِي الْيَوْمِ الْغَيْمِ فَإِنَّهُ مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ حَبِطَ عَمَلُهُ» رَوَاه الْبُخَارِيُّ.
قَالَ الْمُوَفَّقُ: وَمَعْنَاهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: التَّبْكِيرُ بِهَا إذَا حَلَّ فِعْلُهَا لِيَقِينٍ أَوْ غَلَبَةِ ظَنٍّ، وَذَلِكَ لِأَنَّ وَقْتَهَا الْمُخْتَارَ فِي زَمَنِ الشِّتَاءِ ضَيِّقٌ فَنَخْشَى خُرُوجَهُ، وَقَالَ فِي الْإِنْصَافِ: فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُسْتَحَبُّ التَّأْخِيرُ حَتَّى يُتَيَقَّنَ دُخُولُ الْوَقْتِ، قَالَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ. (وَيُعِيدُ أَعْمَى عَاجِزٌ) عَنْ مَعْرِفَةِ الْوَقْتِ (عَدِمَ مُقَلَّدًا)- أَيْ: مَنْ يُقَلِّدُهُ- (وَلَوْ أَصَابَ)، لِأَنَّ فَرْضَهُ التَّقْلِيدُ، وَلَمْ يُوجَدْ (وَيَتَّجِهُ إلَّا) إذَا صَلَّى الْأَعْمَى الْعَاجِزُ عَنْ مَعْرِفَةِ الْوَقْتِ، وَهُوَ فِي (سَفَرٍ مَعَ تَحَرٍّ فَلَا) يُعِيدُ، مَنْ اجْتَهَدَ فِي (قِبْلَةٍ) وَصَلَّى، ثُمَّ ظَهَرَ خَطَؤُهُ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (وَيُعْمَلُ بِأَذَانٍ وَإِخْبَارِ ثِقَةٍ عَارِفٍ) بِأَوْقَاتِ الصَّلَاةِ بِالسَّاعَاتِ، لِأَنَّ الْأَذَانَ شُرِعَ لِلْإِعْلَامِ بِدُخُولِ الْوَقْتِ، فَلَوْ لَمْ يَجُزْ الْعَمَلُ بِهِ لَمْ تَحْصُلْ فَائِدَتُهُ، وَلَمْ تَزَلْ النَّاسُ يَعْمَلُونَ بِالْأَذَانِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، وَكَذَا يَعْمَلُ بِأَذَانِهِ إذَا كَانَ يُقَلِّدُ عَارِفًا، قَالَهُ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ، وَفِي الْمُبْدِعِ يُعْمَلُ بِالْأَذَانِ بِدَارِنَا، وَكَذَا بِدَارِ الْحَرْبِ إنْ عُلِمَ إسْلَامُهُ (وَلَا) يُعْمَلُ بِإِخْبَارِهِ (عَنْ ظَنٍّ) بَلْ يَجْتَهِدُ مَرِيدُ الصَّلَاةِ حَيْثُ أَمْكَنَهُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ عَمِلَ بِقَوْلِهِ، ذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ (كَمَا) لَوْ سَمِعَ الْأَذَانَ (فِي غَيْمٍ، فَإِنْ كَانَ) الْمُؤَذِّنُ أَذَّنَ (عَنْ اجْتِهَادٍ) فَلَا يَقْبَلُهُ إذَا لَمْ يَتَعَذَّرْ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ (وَاجْتَهَدَ هُوَ)- أَيْ: مَرِيدُ الصَّلَاةِ- إنْ قَدَرَ، لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْعَمَلِ بِاجْتِهَادِ نَفْسِهِ (وَإِنْ كَانَ الْمُؤَذِّنُ يَعْرِفُ الْوَقْتَ بِسَاعَاتٍ)، وَهُوَ الْعَالِمُ بِالتَّسْيِيرِ وَالسَّاعَاتِ وَالدَّقَائِقِ وَالزَّوَالِ (أَوْ) كَانَ يُؤَذِّنُ (بِتَقْلِيدِ عَارِفٍ بِالسَّاعَاتِ) عَمِلَ بِهِ- أَيْ: بِأَذَانِهِ- إنْ كَانَ ثِقَةً فِي الْغَيْمِ وَغَيْرِهِ (وَإِذَا دَخَلَ وَقْتُ صَلَاةٍ) مَكْتُوبَةٍ (بِقَدْرِ) تَكْبِيرَةِ (إحْرَامٍ) كَمَا لَوْ زَالَتْ الشَّمْسُ (ثُمَّ) بَعْدَ مُضِيِّ قَدْرِ تَكْبِيرَةٍ فَأَكْثَرَ (طَرَأَ مَانِعٌ) مِنْ الصَّلَاةِ (بِجُنُونٍ وَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَرِدَّةٍ)، ثُمَّ زَالَ الْمَانِعُ: (قُضِيَتْ) تِلْكَ الصَّلَاةُ الَّتِي أَدْرَكَ وَقْتَهَا، لِوُجُوبِهَا بِدُخُولِهِ عَلَى مُكَلَّفٍ لَا مَانِعَ بِهِ وُجُوبًا مُسْتَقِرًّا، فَإِذَا قَامَ بِهِ مَانِعٌ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُسْقِطْهَا فَوَجَبَ قَضَاؤُهَا عِنْدَ زَوَالِهِ (فَقَطْ)، فَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا بَعْدَهَا، وَلَوْ جَمَعَ إلَيْهَا (وَإِنْ طَرَأَ) عَلَى غَيْرِ مُكَلَّفٍ (تَكْلِيفٌ كَبُلُوغِ) صَغِيرٍ (وَعَقْلِ) مَجْنُونٍ (وَزَوَالِ حَيْضٍ، وَ) رُجُوعٍ عَنْ (رِدَّةٍ وَقَدْ بَقِيَ) مِنْ وَقْتِ مَكْتُوبَةٍ (بِقَدْرِهَا)- أَيْ: التَّكْبِيرَةِ- (قُضِيَتْ) تِلْكَ الصَّلَاةُ (مَعَ مَجْمُوعَةٍ إلَيْهَا) قَبْلَهَا، فَلَوْ طَرَأَ ذَلِكَ (قَبْلَ غُرُوبِ) شَمْسٍ (تُقْضَى ظُهْرٌ وَعَصْرٌ) وُجُوبًا؛ لِأَنَّهُمَا تُجْمَعَانِ فِي وَقْتِ إحْدَاهُمَا (وَ) لَوْ كَانَ طَرَيَانُهُ (قَبْلَ طُلُوعِ) شَمْسٍ (تُقْضَى فَجْرٌ) فَقَطْ؛ لِأَنَّ الَّتِي قَبْلَهَا لَا تُجْمَعُ إلَيْهَا، وَلَوْ كَانَ قَبْلَ طُلُوعِ فَجْرٍ؛ لَزِمَ قَضَاءُ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، لِمَا رَوَى الْأَثْرَمُ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُمَا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا قَالَا فِي الْحَائِضِ تَطْهُرُ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ بِرَكْعَةٍ تُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ فَإِذَا طَهُرَتْ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ صَلَّتْ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ وَقْتَ الثَّانِيَةِ وَقْتُ الْأُولَى حَالَ الْعُذْرِ، فَإِذَا أَدْرَكَهُ الْمَعْذُورُ لَزِمَ قَضَاءُ فَرْضِهَا، كَمَا يَلْزَمُهُ فَرْضُ الثَّانِيَةِ، وَإِنَّمَا تَعَلَّقَ الْوُجُوبُ بِقَدْرِ تَكْبِيرَةٍ، لِأَنَّهُ إدْرَاكِيٌّ، فَاسْتَوَى فِيهِ الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ كَإِدْرَاكِ الْمُسَافِرِ صَلَاةَ الْمُقِيمِ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ الرَّكْعَةُ فِي الْجُمُعَةِ لِلْمَسْبُوقِ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ لِصِحَّتِهَا فَاعْتُبِرَ إدْرَاكُ الرَّكْعَةِ لِئَلَّا يَفُوتَ فِي مُعْظَمُهَا.

.(فَصْلٌ): [قضاء الفوائت]:

(وَيَجِبُ) عَلَى مُكَلَّفٍ لَا مَانِعَ بِهِ (قَضَاءُ مَكْتُوبَةٍ فَائِتَةٍ) مِنْ الْخَمْسِ (مُرَتَّبًا) نَصًّا لِحَدِيثِ أَحْمَدَ «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْأَحْزَابِ صَلَّى الْمَغْرِبَ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: هَلْ عَلِمَ أَحَدٌ مِنْكُمْ أَنِّي صَلَّيْتُ الْعَصْرَ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا صَلَّيْتَهَا، فَأَمَرَ الْمُؤَذِّنَ فَأَقَامَ الصَّلَاةَ فَصَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ أَعَادَ الْمَغْرِبَ وَقَدْ قَالَ: صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» وَكَالْمَجْمُوعَتَيْنِ. (وَلَوْ كَثُرَتْ) الْفَوَائِتُ كَمَا لَوْ قَلَّتْ، فَإِنْ تَرَكَ تَرْتِيبَهَا بِلَا عُذْرٍ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ كَتَرْتِيبِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ (إلَّا إذَا خَشِيَ فَوَاتَ) صَلَاةٍ (حَاضِرَةٍ، وَلَوْ) كَانَ مَا خَشِيَ فَوَاتَهُ (بَعْضَهَا) فَيُقَدِّمُهَا؛ لِأَنَّهَا آكَدُ، وَتَرْكُ التَّرْتِيبِ أَيْسَرُ مِنْ تَرْكِ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ (أَوْ) إلَّا إذَا خَشِيَ (خُرُوجَ وَقْتِ اخْتِيَارٍ) لِصَلَاةٍ ذَاتِ وَقْتَيْنِ (فَيَجِبُ تَقْدِيمُ حَاضِرَةٍ) فِي وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ؛ لِأَنَّهُ كَالْوَقْتِ الْوَاحِدِ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ إلَيْهِ بِلَا عُذْرٍ. (وَتَصِحُّ فَائِتَةُ إذْنٍ)، أَيْ: مَعَ خَشْيَةِ فَوَاتِ الْوَقْتِ نَصًّا (وَلَا) يَصِحُّ (نَفْلٌ) عِنْدَ ضِيقِ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ (وَلَوْ) كَانَ النَّفَلُ (رَاتِبَةً)، لِتَحْرِيمِهَا كَأَوْقَاتِ النَّهْي (أَوْ) إلَّا إذَا (نَسِيَ التَّرْتِيبَ بَيْنَ فَوَائِتَ حَالَ قَضَائِهَا): بِأَنْ كَانَ عَلَيْهِ ظُهْرٌ وَعَصْرٌ مَثَلًا، فَنَسِيَ الظُّهْرَ حَتَّى فَرَغَ مِنْ الْعَصْرِ سَقَطَ وُجُوبُهُ بِالنِّسْيَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا أَمَارَةَ عَلَى الْمَنْسِيَّةِ تُعْلَمُ بِهَا فَجَازَ أَنْ يُؤْثِرَ فِيهَا النِّسْيَانَ كَالصَّائِمِ، بِخِلَافِ الْمَجْمُوعَتَيْنِ، فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْجَمْعِ، وَذَلِكَ مُتَعَذِّرٌ مَعَ النِّسْيَانِ (أَوْ) إلَّا إذَا نَسِيَ التَّرْتِيبَ بَيْنَ (حَاضِرَةٍ وَفَائِتَةٍ حَتَّى فَرَغَ) مِنْ الْحَاضِرَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ إعَادَتُهَا نَصًّا، وَأُمًّا حَدِيثُ «صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْأَحْزَابِ» السَّابِقُ: فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ ذَكَرَهَا فِي الصَّلَاةِ (أَوْ) إلَّا إذَا (اعْتَقَدَ) حَالَ قَضَائِهَا (أَنْ لَا صَلَاةَ عَلَيْهِ)، ثُمَّ بَانَ بِخِلَافِ اعْتِقَادِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ إعَادَتُهَا (فَلَوْ صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ الْفَجْرَ) جَاهِلًا وُجُوبَ التَّرْتِيبِ (ثُمَّ) صَلَّى (الْعَصْرَ فِي وَقْتِهَا صَحَّتْ عَصْرُهُ) مَعَ عَدَمِ صِحَّةِ ظُهْرِهِ (لِاعْتِقَادِهِ) حَالَ صَلَاةِ الْعَصْرِ (أَنْ لَا صَلَاةَ عَلَيْهِ، كَمَنْ صَلَّاهَا)- أَيْ: الْعَصْرَ- (ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ بِلَا وُضُوءٍ)، أَوْ أَنَّهُ كَانَ تَرَكَ مِنْهُ رُكْنًا أَوْ شَرْطًا آخَرَ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى النَّاسِي. وَلَا يَسْقُطُ التَّرْتِيبُ (إنْ جُهِلَ وُجُوبُهُ)، لِقُدْرَتِهِ عَلَى التَّعَلُّمِ فَلَا يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ لِتَقْصِيرِهِ، بِخِلَافِ النَّاسِي (أَوْ) أَيْ: وَلَا يَسْقُطُ التَّرْتِيبُ إنْ (خَشِيَ فَوْتَ جَمَاعَةٍ) بَلْ يُصَلِّي الْفَائِتَةَ، ثُمَّ الْحَاضِرَةَ وَلَوْ وَحْدَهُ، وَيَسْقُطُ وُجُوبُ الْجَمَاعَةِ لِلْعُذْرِ (وَعَنْهُ)- أَيْ: الْإِمَامِ- (يَسْقُطُ) التَّرْتِيبُ (بِخَوْفِ فَوْتِهَا)- أَيْ: الْجَمَاعَةِ- (اخْتَارَهُ جَمْعٌ)، مِنْهُمْ: صَاحِبُ الْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى (لَكِنْ عَلَيْهِ فِعْلُ الْجُمُعَةِ) فِي الْأَصَحِّ إنْ خَشِيَ فَوْتَهَا لَوْ اشْتَغَلَ بِالْفَائِتَةِ فَتُتْرَكُ فَجْرُ فَائِتَةٍ لِخَوْفِ فَوْتِ الْجُمُعَةِ، إذْ خَوْفُ فَوْتِ الْجُمُعَةِ كَضِيقِ الْوَقْتِ فِي سُقُوطِ التَّرْتِيبِ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَيُصَلِّي الْجُمُعَةَ قَبْلَ الْقَضَاءِ (وَيَتَّجِهُ) سُقُوطُ التَّرْتِيبِ عَنْهُ (فِي الْكُلِّ)، أَيْ: فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا جَاهِلًا كَانَ أَوْ نَاسِيًا؛ فَلَوْ أَمَّ جَمَاعَةً فَذَكَرَ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْهَا أَنْ عَلَيْهِ فَوَائِتَ مَضَى فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ وَلَا يَقْطَعُهَا (حَيْثُ خَافَ إمَامٌ بِقَطْعِهَا)- أَيْ: الصَّلَاةِ- (ضَرَرًا)، فَإِنْ أَمِنَ الضَّرَرَ، وَكَانَ الْوَقْتُ مُتَّسَعًا قَطَعَهَا كَمَا يَأْتِي وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (وَيَجِبُ) قَضَاءُ فَائِتَةٍ فَأَكْثَرَ (فَوْرًا)، لِحَدِيثِ «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلِيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (مَا لَمْ يَنْضَرَّ فِي بَدَنِهِ) بِضَعْفِهِ (أَوْ) مَا لَمْ يَنْضَرَّ فِي (مَعِيشَةٍ يَحْتَاجُهَا) لَهُ أَوْ لِعِيَالِهِ دَفْعًا لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ. (أَوْ) مَا لَمْ (يَحْضُرْ لِصَلَاةِ عِيدٍ) فَيُكْرَهُ لَهُ قَضَاءُ الْفَوَائِتِ بِمَوْضِعِهَا لِئَلَّا يُقْتَدَى بِهِ (وَلَا يَصِحُّ نَفْلٌ مُطْلَقٌ إذَنْ)، أَيْ: حَيْثُ جَازَ التَّأْخِيرُ لِشَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ، كَصَوْمِ نَفْلٍ مِمَّنْ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ (لِتَحْرِيمِهِ، كَ) مَا لَا يَصِحُّ فِي (أَوْقَاتِ نَهْيٍ) لِتَعَيُّنِ الْوَقْتِ لِلْفَائِتَةِ، وَكَمَا لَوْ ضَاقَ وَقْتُ الْحَاضِرَةِ (وَتَصِحُّ رَوَاتِبُ) وَوِتْرٌ؛ لِأَنَّهَا تَتْبَعُ الْفَرَائِضَ فَلَهَا شَبَهٌ بِهَا (وَيَجُوزُ تَأْخِيرُ قَضَاءٍ لِفَرْضٍ صَحِيحٍ، كَانْتِظَارِ رُفْقَةٍ أَوْ) انْتِظَارِ (جَمَاعَةٍ لَهَا)، أَيْ: الْفَائِتَةِ «لِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ بِأَصْحَابِهِ لَمَّا فَاتَتْهُمْ صَلَاةُ الصُّبْحِ، وَتَحَوَّلُوا مِنْ مَكَانِهِمْ، فَصَلَّى بِهِمْ الصُّبْحَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَالظَّاهِرُ: أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ فَرَغَ مِنْ الْوُضُوءِ قَبْلَ غَيْرِهِ، فَإِنْ قَلَّتْ الْفَوَائِتُ قَضَى سُنَنَهَا الرَّوَاتِبَ مَعَهَا «لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَضَى الصَّلَوَاتِ الْفَائِتَةَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بَيْنَهَا سُنَّةً» وَلِأَنَّ الْفَرْضَ أَهَمُّ فَالِاشْتِغَالُ بِهِ أَوْلَى، إلَّا سُنَّةَ فَجْرٍ فَيَقْضِيهَا، وَلَوْ كَثُرَتْ الْفَوَائِتُ، لِتَأَكُّدِهَا، وَحَثِّ الشَّارِعِ عَلَيْهَا.

.(فَرْعٌ): [الْفَائِتَةُ لا تَسْقُطُ بِحَجٍّ]:

(وَلَا تَسْقُطُ فَائِتَةٌ بِحَجٍّ) (وَ) لَا يَسْقُطُ شَيْئًا مِنْ الْفَوَائِتِ (تَضْعِيفُ صَلَاةٍ بِالْمَسَاجِدِ الثَّلَاثِ): الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى. (وَإِنْ ذَكَرَ فَائِتَةً إمَامٌ أَحْرَمَ) بِمَكْتُوبَةٍ (حَاضِرَةٍ لَمْ يَضِقْ وَقْتُهَا)، أَيْ: الْحَاضِرَةِ عَنْهَا، وَعَنْ الْفَائِتَةِ بِأَنْ اتَّسَعَ لَهُمَا (قَطَعَهَا)، أَيْ: قَطَعَ الْإِمَامُ الْحَاضِرَةَ الَّتِي أَحْرَمَ بِهَا وُجُوبًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْطَعْهَا كَانَتْ نَفْلًا، وَالْمَأْمُومُونَ مُفْتَرِضُونَ خَلْفَهُ، ثُمَّ يَسْتَأْنِفُهَا الْمَأْمُومُونَ (مَعَ سَعَتِهِ)- أَيْ: الْوَقْتِ- فَإِنْ ضَاقَ وَقْتُ الْحَاضِرَةِ أَتَمَّهَا الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ لِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ إذَنْ (وَاسْتَثْنَى جَمْعٌ الْجُمُعَةَ)، فَلَا يَقْطَعُهَا الْإِمَامُ إذَا ذَكَرَ الْفَائِتَةَ فِي أَثْنَائِهَا، وَإِنْ ذَكَرَ الْإِمَامُ الْفَائِتَةَ قَبْلَ إحْرَامِهِ بِالْجُمُعَةِ اسْتَنَابَ فِيهَا، وَقَضَى الْفَائِتَةَ، فَإِنْ أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ مَعَ نَائِبِهِ، وَإِلَّا صَلَّى ظُهْرًا (كَغَيْرِهِ)، أَيْ: غَيْرِ الْإِمَامِ، وَهُوَ: الْمَأْمُومُ وَالْمُنْفَرِدُ إذَا أَحْرَمَ بِحَاضِرَةٍ، ثُمَّ ذَكَرَ فَائِتَةً فَيَقْطَعُهَا (إذَا ضَاقَ) الْوَقْتُ (عَنْهَا) بِأَنْ لَمْ يَسَعْ الصَّلَاةَ الَّتِي أَحْرَمَ بِهَا، أَوْ ضَاقَ عَنْهَا (وَعَنْ) جَمِيعِ (الْمُسْتَأْنَفَةِ) أَيْ: صَاحِبَةِ الْوَقْتِ الَّتِي يَسْتَأْنِفُهَا بَعْدَ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَائِتَةَ؛ لِأَنَّهَا تَنْقَلِبُ نَفْلًا، وَلَا يَصِحُّ النَّفَلُ إذَنْ (وَإِلَّا)، أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ عَنْ الَّتِي أَحْرَمَ بِهَا غَيْرُ الْإِمَامِ، وَعَنْ الْمُسْتَأْنَفَةِ بِأَنْ اتَّسَعَ لِذَلِكَ (أَتَمَّهَا)، أَيْ: الَّتِي أَحْرَمَ أَرْبَعًا أَوْ رَكْعَتَيْنِ (نَفْلًا) اسْتِحْبَابًا، لِيَحْصُلَ لَهُ ثَوَابُهَا، ثُمَّ يَقْضِي الْفَائِتَةَ، ثُمَّ يُصَلِّي الْحَاضِرَةَ. (وَمَنْ شَكَّ فِي) قَدْرِ (مَا عَلَيْهِ) مِنْ فَوَائِتَ (وَتَيَقَّنَ قَدْرَ زَمَنِهِ) الَّتِي وَجَبَتْ عَلَيْهِ فِيهِ الصَّلَاةُ: بِأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ بَلَغَ مِنْ سُنَّةٍ كَذَا، وَصَلَّى الْبَعْضَ وَتَرَكَ الْبَعْضَ مِنْهَا (أَبْرَأَ ذِمَّتَهُ)، أَيْ: قَضَى مَا تَبْرَأُ بِهِ ذِمَّتُهُ (يَقِينًا)؛ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ اشْتَغَلَتْ بِيَقِينٍ فَلَا تَبْرَأُ إلَّا بِمِثْلِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ قَدْرَ زَمَنِ الْوُجُوبِ بِأَنْ لَمْ يَدْرِ مَتَى بَلَغَ، وَلَا مَا صَلَّى بَعْدَ بُلُوغِهِ، فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَقْضِيَ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ ذِمَّتَهُ بَرِئَتْ (مِمَّا) أَيْ: مِنْ الْفَرْضِ الَّذِي- (تَيَقَّنَ وُجُوبُهُ) فَيَقْضِي مُنْذُ تَيَقَّنَ أَنَّهُ بَلَغَ؛ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ عَدَمُ وُجُوبِ أَدَائِهِ فَضْلًا عَنْ قَضَائِهِ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا، فَإِنَّهُ تَحَقَّقَ الْوُجُوبَ، وَشَكَّ فِي الْفِعْلِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ (فَلَوْ تَرَكَ) مُكَلَّفٌ (عَشْرَ سَجَدَاتٍ مِنْ صَلَاةِ شَهْرٍ) مَكْتُوبَةٍ: (قَضَى) صَلَاةَ (عَشَرَةِ أَيَّامٍ)، لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ كُلُّ سَجْدَةٍ مِنْ يَوْمٍ (وَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً) وَاحِدَةً مِنْ يَوْمٍ (أَوْ) نَسِيَ (سَجْدَةً) وَاحِدَةً (مِنْ يَوْمٍ) وَلَيْلَةٍ (وَجَهِلَهَا)، أَيْ: عَيْنَ الْمَنْسِيَّةِ: (قَضَى خَمْسًا بِنِيَّةِ فَرْضٍ)؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْمَكْتُوبَةِ، وَلَا يُتَوَصَّلُ إلَيْهِ إلَّا بِذَلِكَ، فَلَزِمَهُ خُرُوجًا مِنْ الْعُهْدَةِ بِيَقِينٍ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَرْتِيبُ الْخَمْسِ فِي هَذِهِ الْحَالِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَلْزَمُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ لَا تَرْتِيبَ فِيهَا فَمَا فَعَلَهُ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا نَفْلٌ.
(وَ) مَنْ نَسِيَ (ظُهْرًا وَعَصْرًا مِنْ يَوْمَيْنِ، وَجَهِلَ السَّابِقَةَ) مِنْهُمَا بِأَنْ لَمْ يَدْرِ الظُّهْرَ مِنْ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَالْعَصْرَ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي أَوْ بِالْعَكْسِ (تَحَرَّى بِأَيِّهِمَا يَبْدَأُ)، أَيْ: اجْتَهَدَ أَيَّتَهُمَا نَسِيَ أَوَّلًا؟ فَيَبْدَأُ بِهَا، ثُمَّ يَقْضِي الْأُخْرَى نَصًّا، كَمَا لَوْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ (فَإِنْ اسْتَوَيَا) بِأَنْ تَحَرَّى فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ (فـَ) إنَّهُ يَبْدَأُ (بِمَا شَاءَ) مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ يَسْقُطُ لِلْعُذْرِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهَذَا مِنْهُ.
(وَ) لَوْ تَرَكَ (ظُهْرًا مِنْ يَوْمٍ، وَ) تَرَكَ صَلَاةً (أُخْرَى) مِنْهُ- أَيْ: مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ- (لَا يَعْلَمُ أَمَغْرِبٌ) هِيَ (أَمْ فَجْرٌ لَزِمَهُ أَوَّلًا صَلَاةُ فَجْرٍ فَظُهْرٍ فَمَغْرِبٍ)، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبْدَأَ بِالظُّهْرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ بَرَاءَتَهُ مِمَّا قَبْلَهَا (وَلَوْ) صَلَّى مُكَلَّفٌ (ظُهْرًا) بَعْدَ أَنْ تَوَضَّأَ، (ثُمَّ أَحْدَثَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَصَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ ذَكَرَ تَرْكَ فَرْضٍ، أَوْ) شَرْطٍ (مِنْ أَحَدِ الْوُضُوءَيْنِ) لَا بِعَيْنِهِ (لَزِمَهُ إعَادَةُ وُضُوءٍ)، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَتْرُوكُ مِنْ الْوُضُوءِ الثَّانِي (وَ) إعَادَةُ (صَلَاتَيْنِ) لِيَخْرُجَ مِنْ الْعُهْدَةِ بِيَقِينٍ (وَلَوْ كَانَ) لَمْ يُحْدِثْ بَيْنَ الْوُضُوءَيْنِ بَلْ (تَوَضَّأَ لِثَانِيَةٍ تَجْدِيدًا أَعَادَ الْأُولَى فَقَطْ) لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَتْرُوكُ مِنْ الْوُضُوءِ الْأَوَّلِ، وَلَا يُعِيدُ الثَّانِيَةَ؛ لِأَنَّهَا صَحِيحَةٌ بِكُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّ الْمَتْرُوكَ إنْ كَانَ مِنْ التَّجْدِيدِ لَمْ يَضُرَّهُ تَرْكٌ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْوُضُوءِ أَوَّلًا فَالْحَدَثُ ارْتَفَعَ بِالتَّجْدِيدِ (بِلَا إعَادَةِ وُضُوءٍ) لِمَا ذُكِرَ.
(وَ) لَوْ صَلَّى (ظُهْرًا فَائِتَةً وَ) صَلَّى ظُهْرًا (حَاضِرَةً)، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ (تَرَكَ مِنْ إحْدَاهُمَا شَرْطًا أَوْ فَرْضًا صَلَّى ظُهْرًا وَاحِدَةً، يَنْوِي بِهَا مَا عَلَيْهِ) مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ أَدَاءً وَلَا قَضَاءٍ (وَلَوْ كَانَتَا)- أَيْ: الظُّهْرَانِ- (فَائِتَتَيْنِ) وَأَرَادَ قَضَاءَهُمَا (فَنَوَى ظُهْرًا مِنْهُمَا) لَا بِعَيْنِهَا (لَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ إحْدَاهُمَا حَتَّى يُعَيِّنَ سَابِقَةً لِأَجْلِ تَرْتِيبٍ، بِخِلَافِ مَنْذُورَتَيْنِ) فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ نِيَّةٌ مَنْذُورَةٌ مِنْهُ لَا بِعَيْنِهَا. (وَيَتَّجِهُ إعَادَةُ) صَلَاةِ (عَصْرٍ فَقَطْ لِمَاسِّ أَحَدِ فَرْجَيْ خُنْثَى ظُهْرًا)- أَيْ: وَقْتَ الظُّهْرِ- (وَ) فَرْجَهُ (الْآخَرَ عَصْرًا)، لِأَنَّ أَحَدَهُمَا أَصْلِيٌّ يَقِينًا، وَاعْتِبَارُ النَّقْضِ فِي الْعَصْرِ مَعَ أَنَّ الِاحْتِيَاطَ اعْتِبَارُهُ فِي الظُّهْرِ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ مُتَيَقَّنَةٌ، وَالنَّقْضُ مَشْكُوكٌ فِيهِ، وَلَا يُتْرَكُ يَقِينٌ لِشَكٍّ بِخِلَافِ الْعَصْرِ، فَإِنَّ النَّقْضَ مُتَيَقَّنٌ فِيهِ، وَلَا يُؤَثِّرُ مَسُّ أَحَدِ الْفَرْجَيْنِ فِي الْوُضُوءِ (إنْ تَوَضَّأَ) مَاسٌّ (بَيْنَ الْمَسَّيْنِ)، بِأَنْ كَانَ مَسَّ وَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ، وَمَسَّ الْفَرْجَ الْآخَرَ، وَصَلَّى الْعَصْرَ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ لِلْعَصْرِ كَمَا ذَكَرْنَا. (وَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا)- أَيْ: الصَّلَاتَيْنِ- وَقَعَتْ (بِحَدَثٍ) قَطْعًا دَفْعًا لِلْحَرَجِ (كَصَلَاتَيْ مُجْتَهِدٍ) أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ فَصَلَّاهُمَا (لِجِهَتَيْنِ) كُلُّ وَاحِدَةٍ لِجِهَةٍ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، مَعَ أَنَّ إحْدَاهُمَا لِغَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ يَقِينًا، لَكِنْ مَجْهُولَةٌ. (وَلَوْ شَكَّ مَأْمُومٌ صَلَّى الظُّهْرَ هَلْ صَلَّى إمَامُهُ الظُّهْرَ أَوْ الْعَصْرَ؟ اُعْتُبِرَ بِالْوَقْتِ): فَإِنْ كَانَ وَقْتَ ظُهْرٍ فَهِيَ ظُهْرٌ، وَإِنْ كَانَ وَقْتَ عَصْرٍ فَهِيَ عَصْرٌ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ وُقُوعُ كُلِّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا (فَإِنْ أَشْكَلَ) الْوَقْتُ لِنَحْوِ غَيْمٍ وَلَمْ يُوجَدْ عَارِفٌ بِهِ (فَلَا إعَادَةَ)؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ بِتِلْكَ الصَّلَاةِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (وَسُنَّ لِمُسَافِرٍ نَامَ) عَنْ الصَّلَاةِ (حَتَّى خَرَجَ وَقْتُهَا انْتِقَالٌ مِنْ مَكَانِ نَوْمِهِ)، لِحُضُورِ الشَّيْطَانِ لَهُ فِيهِ (لِيَقْضِيَ) الصَّلَاةَ (فِي غَيْرِهِ)، أَيْ: غَيْرِ الْمَكَانِ الَّذِي نَامَ فِيهِ «لِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا نَامَ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ».

.بَابُ سَتْرِ الْعَوْرَةِ:

السَّتْرُ: بِفَتْحِ السِّينِ: مَصْدَرُ سَتَرَهُ، أَيْ: غَطَّاهُ، وَبِكَسْرِهَا: مَا يُسْتَرُ بِهِ. وَالْعَوْرَةُ لُغَةً: النُّقْصَانُ، وَالشَّيْءُ الْمُسْتَقْبَحُ، وَمِنْهُ كَلِمَةٌ عَوْرَاءُ، أَيْ: قَبِيحَةٌ (مَعَ قُدْرَةٍ) عَلَيْهِ (مِنْ أَعْلَى وَ) مِنْ (جَوَانِبَ لَا مِنْ أَسْفَلَ)، فَلَا يَجِبُ سَتْرُهَا مِنْهُ، وَلَوْ تَيَسَّرَ النَّظَرُ إلَيْهَا بِأَنْ كَانَ يُصَلِّي عَلَى مَكَان مُرْتَفِعٍ بِحَيْثُ لَوْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ تَحْتِهِ لَرَأَى عَوْرَتَهُ (بِمَا)- أَيْ: سَاتِرٍ- (لَا يَصِفُ لَوْنَ بَشَرَةٍ) مِنْ سَوَادٍ وَبَيَاضٍ (حَتَّى عَنْ نَفْسِهِ)- مُتَعَلِّقٌ بِسَتْرِ الْعَوْرَةِ، وَهُوَ: مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ-: (مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ)، فَلَا تَصِحُّ صَلَاةُ مَكْشُوفِهَا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى سَتْرِهَا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إلَّا بِخِمَارٍ» وَحَدِيثِ «سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إنِّي أَكُونُ فِي الصَّيْدِ وَأُصَلِّي فِي الْقَمِيصِ الْوَاحِدِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَازْرُرْهُ وَلَوْ بِشَوْكَةِ» رَوَاه ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ فِيهِمَا: حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ. فَلَوْ صَلَّى عُرْيَانًا خَالِيًا أَوْ فِي قَمِيصٍ، وَلَمْ يُزَرِّرْهُ، وَلَمْ يَشْدُدْ عَلَيْهِ وَسَطَهُ، وَكَانَ بِحَيْثُ يَرَى عَوْرَةَ نَفْسِهِ مِنْهُ فِي قِيَامِهِ أَوْ رُكُوعِهِ وَنَحْوِهِ: لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، كَمَا لَوْ رَآهَا غَيْرُهُ. وَهِيَ- أَيْ: الْعَوْرَةُ- شَرْعًا: (سَوْأَةُ الْإِنْسَانِ)، أَيْ: قُبُلُهُ أَوْ دُبُرُهُ (وَكُلُّ مَا يَسْتَحْيِي مِنْهُ إذَا نُظِرَ إلَيْهِ) أَيْ: مَا يَجِبُ سَتْرُهُ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِقُبْحِ ظُهُورِهِ (وَيَجِبُ سَتْرُهَا)- أَيْ: الْعَوْرَةِ- (حَتَّى خَارِجَهَا)- أَيْ: الصَّلَاةِ- (وَ) حَتَّى (فِي ظُلْمَةٍ، وَ) حَتَّى فِي (خَلْوَةٍ)، لِحَدِيثِ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ؟ قَالَ: احْفَظْ عَوْرَتَكَ إلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ، قَالَ: قُلْتُ: فَإِذَا كَانَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ؟ قَالَ: إنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا يَرَاهَا أَحَدٌ فَلَا يَرَيَنَّهَا، قُلْتُ: فَإِذَا كَانَ أَحَدُنَا خَالِيًا؟ قَالَ: اللَّهُ تَعَالَى أَحَقُّ أَنْ يَسْتَحْيِيَ مِنْهُ» رَوَاه أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ (وَلَوْ بِنَحْوِ نَبَاتٍ) كَوَرَقٍ وَخُوصٍ مَظْفُورٍ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ سَتْرُهَا، وَقَدْ حَصَلَ، وَلِأَنَّ الْأَمْرَ بِسَتْرِهَا غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِسَاتِرٍ، فَيَكْفِي أَيُّ سَاتِرٍ كَانَ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ ثَوْبٍ (وَ) يَكْفِي فِي سِتْرِهَا أَيْضًا (مُتَّصِلٌ بِهِ كَيْدِهِ وَلِحْيَتِهِ)، فَإِذَا كَانَ جَيْبُهُ وَاسِعًا تُرَى مِنْهُ عَوْرَتُهُ، فَضَمَّهُ بِيَدِهِ، أَوْ غَطَّتْهُ لِحْيَتُهُ فَمَنَعَتْ رُؤْيَةَ عَوْرَتِهِ كَفَاهُ ذَلِكَ، لِحُصُولِ السَّتْرِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ بِثَوْبِهِ وَنَحْوِهِ خَرْقٌ مُحَاذِيًا لِفَخِذِهِ وَنَحْوِهِ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ، وَ(لَا) يَلْزَمُهُ سَتْرُ عَوْرَتِهِ (بِنَحْوِ بَارِيَةٍ)، وَهِيَ: مَا يُصْنَعُ عَلَى هَيْئَةِ الْحَصِيرِ مِنْ قَصَبٍ (وَحَصِيرٍ)، وَنَحْوِهِمَا (مِمَّا يَضُرُّهُ) إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ وَالْحَرَجِ (وَلَا) يَلْزَمُهُ أَيْضًا سَتْرُ عَوْرَتِهِ (بِحَفِيرَةٍ وَطِينٍ وَمَاءٍ كَدِرٍ لِعَدَمِ) غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَثْبُتُ، وَفِي الْحَفِيرَةِ حَرَجٌ (وَيُبَاحُ كَشْفُهَا)- أَيْ: الْعَوْرَةِ- (لِنَحْوِ تَدَاوٍ وَتَخَلٍّ وَخِتَانٍ وَمَعْرِفَةِ بُلُوغٍ وَبَكَارَةٍ وَثُيُوبَةٍ وَعَيْبٍ) وَوِلَادَةٍ، وَيَجُوزُ نَظَرُ الْغَيْرِ إلَيْهَا حِينَئِذٍ كَحَلْقِ عَانَةِ مَنْ لَا يُحْسِنُهُ؛ لِأَنَّهُ ضَرُورَةٌ (وَ) يُبَاحُ كَشْفُهَا (لِمُبَاحٍ) كَزَوْجٍ وَسَيِّدٍ (وَمُبَاحَةٍ) كَزَوْجَةٍ وَأَمَةٍ مُبَاحَةٍ لَا مُزَوَّجَةٍ وَمَجُوسِيَّةٍ وَنَحْوِهَا كَمُعْتَدَّةٍ وَمُسْتَبْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِهِ (وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ نَظَرُ عَوْرَتِهِ حَيْثُ جَازَ كَشْفُهَا) لِتَدَاوٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ، لَكِنْ يُكْرَهُ كَمَا يَأْتِي فِي الْأَنْكِحَةِ (وَعَوْرَةُ ذَكَرٍ وَخُنْثَى) حُرَّيْنِ كَانَا أَوْ رَقِيقَيْنِ أَوْ مُبَعَّضَيْنِ (بَلَغَا)- أَيْ: اسْتَكْمَلَا- (عَشْرًا) مِنْ السِّنِينَ: مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ، لِحَدِيثِ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا «لَا تُبْرِزْ فَخِذَكَ، وَلَا تَنْظُرْ إلَى فَخِذِ حَيٍّ وَلَا مَيِّتٍ» رَوَاه أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ. وَلِحَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ يَرْفَعُهُ «أَسْفَلُ السُّرَّةِ وَفَوْقَ الرُّكْبَتَيْنِ مِنْ الْعَوْرَةِ» وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا «مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ عَوْرَةٌ» رَوَاهمَا الدَّارَقُطْنِيّ.
(وَ) عَوْرَةُ (أَمَةٍ مُطْلَقًا)- أَيْ: مُدَبَّرَةً كَانَتْ أَوْ مُكَاتَبَةً- (وَأُمَّ وَلَدٍ وَمُبَعَّضَةً)- أَيْ: بَعْضُهَا حُرٌّ وَبَعْضُهَا رَقِيقٌ- مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ؛ لِأَنَّهَا دُونَ الْحُرَّةِ فَأُلْحِقَتْ بِالرَّجُلِ.
(وَ) عَوْرَةُ (حُرَّةٍ مُمَيِّزَةٍ وَمُرَاهِقَةٍ) قَارَبَتْ الْبُلُوغَ: (مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ)، لِمَفْهُومِ حَدِيثِ «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إلَّا بِخِمَارٍ» وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ السُّرَّةَ وَالرُّكْبَةَ لَيْسَا مِنْ الْعَوْرَةِ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي الصَّلَاةِ. (وَسُنَّ اسْتِتَارُهَا)، أَيْ: الْأَمَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُعْتَقِ بَعْضُهَا وَالْمُدَبَّرَةِ وَالْمُكَاتَبَةِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا عَلَى صِفَةٍ، وَالْحُرَّةِ الْمُرَاهِقَةِ وَالْمُمَيِّزَةِ وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلِ (كَحُرَّةٍ بَالِغَةٍ) احْتِيَاطًا. (وَعَوْرَةُ ابْنِ سَبْعِ) سِنِينَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ خُنْثَى (إلَى عَشْرِ) سِنِينَ: (الْفَرْجَانِ فَقَطْ)؛ لِأَنَّهُ دُونَ الْبَالِغِ (وَالْحُرَّةُ الْبَالِغَةُ كُلُّهَا عَوْرَةٌ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى ظُفْرُ) هَا (وَشَعْرُ) هَا، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ» رَوَاه التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا سَأَلَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتُصَلِّي الْمَرْأَةُ فِي دِرْعٍ وَخِمَارٍ وَلَيْسَ عَلَيْهَا إزَارٌ؟ قَالَ: «إذَا كَانَ الدِّرْعُ سَابِغًا يُغَطِّي ظُهُورَ قَدَمَيْهَا» رَوَاه أَبُو دَاوُد، وَصَحَّحَ عَبْدُ الْحَقِّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ. (إلَّا وَجْهَهَا)، لَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ كَشْفُ وَجْهِهَا فِي الصَّلَاةِ، ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ. هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. (قَالَ جُمُوعٌ: وَكَفَّيْهَا)، اخْتَارَهُ الْمَجْدُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ: وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا. رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَخَالَفَهُمَا ابْنُ مَسْعُودٍ. (وَفِي النَّظَرِ) إلَى الْحُرَّةِ الْبَالِغَةِ (تَفْصِيلٌ يَأْتِي) فِي النِّكَاحِ مُسْتَوْفًى. (وَسُنَّ صَلَاةُ رَجُلٍ بَالِغٍ سِيَّمَا إمَامٍ)؛ لِأَنَّهُ يُقْتَدَى بِهِ وَبَيْنَ يَدَيْ الْمَأْمُومِينَ، وَتَتَعَلَّقُ صَلَاتُهُمْ بِصَلَاتِهِ (فِي ثَوْبَيْنِ قَمِيصٍ وَرِدَاءٍ أَوْ إزَارٍ وَسَرَاوِيلَ) ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ إجْمَاعًا.
قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ: (مَعَ سَتْرِ رَأْسِهِ) بِعِمَامَةٍ وَمَا فِي مَعْنَاهَا لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ كَذَلِكَ يُصَلِّي، قَالَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَقَالَ إبْرَاهِيمُ: كَانُوا يَسْتَحْيُونَ إذَا وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يُصَلِّيَ أَحَدُهُمْ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَوْبَيْنِ وَلِأَحْمَدَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ «قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَتَسَرْوَلَونَ، وَلَا يَأْتَزِرُونَ، فَقَالَ: تَسَرْوَلُوا وَاتَّزِرُوا وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ». (وَلَا تُكْرَهُ) الصَّلَاةُ (فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ يَسْتُرُ مَا يَجِبُ سَتْرُهُ) مِنْ الْعَوْرَةِ، وَأَحَدِ الْعَاتِقَيْنِ فِي الْفَرْضِ (وَالْقَمِيصُ أَوْلَى مِنْ رِدَاءٍ مَعَ اقْتِصَارٍ عَلَى ثَوْبٍ) وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ أَبْلُغُ ثُمَّ الرِّدَاءُ ثُمَّ الْمِئْزَرُ أَوْ السَّرَاوِيلُ، قَالَهُ فِي الشَّرْحِ. (وَسُنَّ أَنْ يُزَرَّ)- بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ- (جَيْبُ قَمِيصٍ وَاسِعٍ وَلَوْ بِشَوْكَةٍ)، لِحَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ وَتَقَدَّمَ (فَإِنْ رُئِيَتْ عَوْرَتُهُ مِنْهُ بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ لِفَوَاتِ شَرْطِهَا، وَالْمُرَادُ: إنْ أَمْكَنَ رُؤْيَةُ عَوْرَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تُرَ لِعَمًى أَوْ ظُلْمَةٍ أَوْ خَلْوَةٍ وَنَحْوِهِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَيُجْزِئُ) مَنْ لَمْ يَزُرَّ جَيْبَهُ شَدُّ وَسَطِهِ عَلَيْهِ بِمَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ، أَوْ (سَدُّهُ)- أَيْ: الْجَيْبِ- (بِلِحْيَتِهِ) لِوُجُودِ السِّتْرِ الْمَأْمُورِ بِهِ، فَإِنْ اقْتَصَرَ الرَّجُلُ وَالْخُنْثَى عَلَى سَتْرِ عَوْرَتِهِ، وَأَعْرَى الْعَاتِقَيْنِ فِي نَفْلٍ أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّ مَبْنَى النَّفْلِ عَلَى التَّخْفِيفِ، وَلِذَلِكَ يُسَامَحُ فِيهِ بِتَرْكِ الْقِيَامِ وَالِاسْتِقْبَالِ فِي السَّفَرِ مَعَ الْقُدْرَةِ، وَلِأَنَّ عَادَةَ الْإِنْسَانِ فِي بَيْتِهِ وَخَلَوَاتِهِ تَخْفِيفُ اللِّبَاسِ، وَغَالِبُ نَفْلِهِ يَقَعُ فِيهِ فَسُومِحَ فِيهِ لِذَلِكَ يُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ بَعْضُهُ عَلَيَّ» رَوَاه أَبُو دَاوُد. وَالثَّوْبُ الْوَاحِدُ لَا يَتَّسِعُ لِذَلِكَ مَعَ سَتْرِ الْمَنْكِبَيْنِ. (وَشُرِطَ فِي فَرْضِ رَجُلٍ بَالِغٍ مَعَ سَتْرِ عَوْرَتِهِ سَتْرُ جَمِيعِ أَحَدِ عَاتِقَيْهِ بِلِبَاسٍ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «لَا يُصَلِّي الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ» رَوَاه الْبُخَارِيُّ. وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَالْمُرَادُ بِالْعَاتِقِ: مَوْضِعُ الرِّدَاءِ مِنْ الْمَنْكِبِ، وَقَوْلُهُ: بِلِبَاسٍ، أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الثَّوْبِ الَّذِي سَتَرَ بِهِ عَوْرَتَهُ أَمْ مِنْ غَيْرِهِ، وَمَحِلُّ ذَلِكَ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ، فَأَيُّ شَيْءٍ سَتَرَ بِهِ عَاتِقَهُ أَجْزَأَهُ (وَلَا) يُجْزِئُ سَتْرٌ (بِحَبْلٍ) وَشَبَكَةٍ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى لِبَاسًا (وَلَوْ وَصَفَ) اللِّبَاسُ (الْبَشَرَةَ) لِرِقَّتِهِ، لِعُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ» وَهُوَ يَعُمُّ مَا يَصِفُ، وَمَا لَا يَصِفُ. (وَسُنَّ صَلَاةُ حُرَّةٍ) بَالِغَةٍ (فِي دِرْعٍ، وَهُوَ: الْقَمِيصُ، وَخِمَارٍ، وَهُوَ: غِطَاءُ رَأْسِهَا) الَّذِي يُدَارُ تَحْتَ حَلْقِهَا (وَمِلْحَفَةٍ)- بِكَسْرِ الْمِيمِ- (وَهِيَ: الْجِلْبَابُ)، لِمَا رَوَى سَعِيدٌ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهَا كَانَتْ تَقُومُ إلَى الصَّلَاةِ فِي الْخِمَارِ وَالْإِزَارِ وَالدِّرْعِ، فَتُسْبِلُ الْإِزَارَ فَتُجَلْبَبُ، وَكَانَتْ تَقُولُ: ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ لَا بُدَّ لِلْمَرْأَةِ مِنْهَا فِي الصَّلَاةِ إذَا وَجَدَتْهَا: الْخِمَارُ وَالْإِزَارُ وَالدِّرْعُ»وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ أَوْفَى عَوْرَةً مِنْ الرَّجُلِ (وَلَا تَضُمُّ ثِيَابَهَا)، قَالَ السَّامِرِيُّ: (حَالَ قِيَامِهَا) (وَتُكْرَهُ) صَلَاتُهَا (فِي نِقَابٍ وَبُرْقُعٍ)؛ لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِمُبَاشَرَةِ الْمُصَلَّى بِالْجَبْهَةِ وَالْأَنْفِ وَيُغَطِّي الْفَمَ، وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلَ عَنْهُ (وَيُجْزِئُ) امْرَأَةً (سَتْرُ عَوْرَتِهَا)، قَالَ أَحْمَدُ: اتَّفَقَ عَامَّتُهُمْ عَلَى الدِّرْعِ وَالْخِمَارِ، وَمَا زَادَ فَهُوَ خَيْرٌ وَأَسْتَرُ (وَإِذَا انْكَشَفَ لَا عَمْدًا) فِي صَلَاةٍ (مِنْ عَوْرَةِ) ذَكَرٍ أَوْ خُنْثَى أَوْ أُنْثَى (يَسِيرٌ لَا يَفْحُشُ عُرْفًا)؛ لِأَنَّهُ لَا تَحْدِيدَ فِيهِ شَرْعًا فَرَجَعَ فِيهِ لِلْعُرْفِ كَالْحِرْزِ، فَإِنْ فَحَشَ وَطَالَ الزَّمَنُ بَطَلَتْ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَرْجَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، لَكِنْ يُعْتَبَرُ الْفُحْشُ فِي كُلِّ عُضْوٍ بِحَسَبِهِ، إذْ يَفْحُشُ مِنْ الْمُغَلَّظَةِ مَا لَا يَفْحُشُ مِنْ غَيْرِهَا (فِي النَّظَرِ)- مُتَعَلِّقٌ بِ يَفْحُشُ- أَيْ: لَوْ نُظِرَ إلَيْهِ (وَلَوْ) كَانَ الِانْكِشَافُ زَمَنًا (طَوِيلًا) لَمْ تَبْطُلْ، لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ الْجَرْمِيِّ قَالَ: «انْطَلَقَ أَبِي وَافِدًا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ يُعَلِّمُهُمْ الصَّلَاةَ، وَقَالَ: يَؤُمُّكُمْ أَقْرَؤُكُمْ فَكُنْتُ أَقْرَأَهُمْ، فَقَدَّمُونِي فَكُنْتُ أَؤُمُّهُمْ، وَعَلَيَّ بُرْدَةٌ لِي صَفْرَاءُ صَغِيرَةٌ، فَكُنْتُ إذَا سَجَدْتُ انْكَشَفَتْ عَنِّي، فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ النِّسَاءِ: وَارُوا عَنَّا عَوْرَةَ قَارِئِكُمْ، فَاشْتَرَوْا لِي قَمِيصًا عُمَانِيًّا فَمَا فَرِحْتُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَرَحِي بِهِ وَفِي لَفْظٍ فَكُنْتُ أَؤُمُّهُمْ فِي بُرْدَةٍ مُوَصَّلَةٍ فِيهَا فَتْقٌ فَكُنْتُ إذَا سَجَدْتُ فِيهَا خَرَجَتْ اسْتِي» رَوَاه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَانْتَشَرَ، وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنْكَرَهُ، وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَلِأَنَّهُ يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ إذْ ثِيَابُ الْفُقَرَاءِ لَا تَخْلُو غَالِبًا مِنْ خَرْقٍ، وَثِيَابُ الْأَغْنِيَاءِ مِنْ فَتْقٍ. (أَوْ) انْكَشَفَ مِنْ الْعَوْرَةِ (كَثِيرٌ فِي زَمَنٍ قَصِيرٍ لَمْ تَبْطُلْ) صَلَاتُهُ قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ، فَإِنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ بَطَلَتْ؛ لِأَنَّهُ لَا عُذْرَ لَهُ، (فَمَنْ كَشَفَتْ رِيحٌ كُلَّ عَوْرَتِهِ، فَسَتَرَهَا سَرِيعًا بِلَا عَمَلٍ كَثِيرٍ لَمْ تَبْطُلْ) صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ التَّحَرُّزَ مِنْهُ مُمْكِنٌ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ، أَشْبَهَ سَائِرَ الْعَوْرَةِ، وَكَذَا لَوْ فَحَشَ، وَطَالَ الزَّمَنُ، وَلَوْ بِلَا قَصْدٍ. (وَمَنْ صَلَّى فِي غَصْبٍ)- أَيْ: مَغْصُوبًا- عَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً، وَمِثْلُهُ مَسْرُوقٌ وَنَحْوُهُ (وَلَوْ) كَانَ الْمَغْصُوبُ (بَعْضُهُ) مُشَاعًا أَوْ مُعَيَّنًا، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ: وَلَوْ لَمْ يَرَ الْعَوْرَةَ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُ يَتْبَعُ بَعْضًا (أَوْ) صَلَّى فِيمَا (ثَمَنُهُ الْمُعَيَّنُ حَرَامٌ أَوْ بَعْضُهُ)- أَيْ: بَعْضُ ثَمَنِهِ الْمُعَيَّنِ حَرَامٌ- أَوْ الَّذِي نَوَى الِانْتِقَادَ مِنْهُ غَصْبٌ لَمْ تَصِحَّ إنْ كَانَ عَالِمًا ذَاكِرًا، وَيَأْتِي فِي الْغَصْبِ- إذَا كَانَ الثَّمَنُ فِي الذِّمَّةِ، وَبَذَلَهُ مِنْ الْحَرَامِ (ثَوْبًا) كَانَ الْمَغْصُوبُ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ (وَلَوْ) كَانَ الثَّوْبُ (لِلْكَعْبَةِ) لَمْ تَصِحَّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَرَمٌ (أَوْ بُقْعَةٍ) مَغْصُوبَةٍ لَمْ تَصِحَّ، وَيَلْحَقُ بِهِ لَوْ صَلَّى فِي سَابَاطٍ لَا يَحِلُّ إخْرَاجُهُ، أَوْ غَصَبَ رَاحِلَةً وَصَلَّى عَلَيْهَا، أَوْ لَوْحًا فَجَعَلَهُ سَفِينَةً (وَلَوْ كَانَ عَلَى مُصَلٍّ) فِي ثَوْبٍ مَغْصُوبٍ ثَوْبٌ (مُبَاحٌ غَيْرُهُ)- أَيْ: غَيْرُ الْمَغْصُوبِ- سَوَاءٌ كَانَ تَحْتَهُ أَوْ فَوْقَهُ بِحَيْثُ لَوْ انْفَرَدَ الْمَغْصُوبُ لَكَانَ سَاتِرًا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، لِأَنَّ الْمُبَاحَ لَمْ يُتَبَيَّنْ سَاتِرًا (وَ) صَلَّى (فِي) مَنْسُوجٍ بِـ (ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، أَوْ) فِي (حَرِيرٍ) كُلِّهِ (أَوْ غَالِبُهُ) حَرِيرٌ (حَيْثُ حَرُمَ) الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَالْحَرِيرُ بِأَنْ كَانَ عَلَى ذَكَرٍ، (وَلَوْ) كَانَ الذَّكَرُ (صَبِيًّا)، وَلَمْ يَكُنْ الْحَرِيرُ لِحَاجَةٍ لَمْ تَصِحَّ (أَوْ حَجَّ بِغَصْبٍ)، أَيْ: بِمَالٍ مَغْصُوبٍ أَوْ عَلَى حَيَوَانٍ مَغْصُوبٍ (عَالِمًا) بِأَنَّ مَا صَلَّى فِيهِ أَوْ حَجَّ (بِهِ) مُحَرَّمٌ (ذَاكِرًا لَهُ وَقْتَ عِبَادَةٍ لَمْ تَصِحَّ) صَلَاتُهُ؛ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ وَلِأَحْمَدَ «مَنْ صَنَعَ أَمْرًا عَلَى غَيْرِ أَمْرِنَا فَهُوَ مَرْدُودٌ» وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ وَالْحَجَّ قُرْبَةٌ وَطَاعَةٌ، وَقِيَامُهُ وَقُعُودُهُ وَمَسِيرُهُ بِمُحَرَّمٍ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، فَلَا يَكُونُ مُتَقَرِّبًا بِمَا هُوَ عَاصٍ بِهِ، وَلَا مَأْمُورًا بِمَا هُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ (وَإِلَّا) يَكُنْ عَالِمًا ذَاكِرًا (صَحَّتْ) صَلَاتُهُ وَحَجُّهُ ذَكَرَهُ الْمَجْدُ إجْمَاعًا. (وَيَتَّجِهُ لَوْ تَابَ) مَنْ تَلَبَّسَ (فِي حَجٍّ) بِمَالٍ مَغْصُوبٍ، أَوْ عَلَى رَاحِلَةٍ مَغْصُوبَةٍ، وَكَانَتْ تَوْبَتُهُ عَنْ فِعْلِ الْعِبَادَةِ فِي الْمَغْصُوبِ (قَبْلَ دَفْعٍ مِنْ عَرَفَةَ أَوْ بَعْدَهُ)- أَيْ: الدَّفْعِ- (إنْ عَادَ) إلَى عَرَفَةَ (فَوَقَفَ) بِهَا (مَعَ) بَقَاءِ وَقْتِ وُقُوفٍ (وَتَجْدِيدِ إحْرَامٍ: الصِّحَّةُ)، أَيْ: صِحَّةُ حَجِّهِ (لِتَلَبُّسِهِ بِالْمُبَاحِ حَالَ فِعْلِ الْأَرْكَانِ)، بِشَرْطِ بَقَائِهِ عَلَى ذَلِكَ إلَى الْفَرَاغِ مِنْهَا وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (وَلَوْ صَلَّى عَلَى أَرْضِ غَيْرِهِ، وَلَوْ مَزْرُوعَةً) بِلَا غَصْبٍ أَوْ ضَرَرٍ جَازَ (أَوْ) صَلَّى (عَلَى مُصَلَّاهُ)- أَيْ: الْغَيْرِ- (بِلَا غَصْبٍ أَوْ ضَرَرٍ جَازَ وَصَحَّتْ) صَلَاتُهُ، لِرِضَاهُ بِذَلِكَ عُرْفًا.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ فِيمَا إذَا كَانَتْ لِكَافِرٍ لِعَدَمِ رِضَاهُ بِصَلَاةِ مُسْلِمٍ فِي أَرْضِهِ وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ. (وَإِنْ غَيَّرَ هَيْئَةَ مَسْجِدٍ) غَصَبَهُ (فَكَغَصْبٍ) لِمَكَانِ غَيْرِهِ لِصَلَاتِهِ فِيهِ، قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ: وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ فِيهِ، وَأَمَّا الْغَيْرُ فَصَلَاتُهُ فِيهِ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِغَاصِبٍ لَهُ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ بِمَسَاجِدِ حَرِيمِ النَّهْرِ؛ إذْ الْمُصَلِّي فِيهِ غَيْرُ غَاصِبٍ لِلْبُقْعَةِ؛ إذْ لَهُ الصَّلَاةُ فِيهَا لَوْ لَمْ تُبْنَ، كَمَا كَانَ لَهُ الصَّلَاةُ فِي الْمَسْجِدِ قَبْلَ أَنْ يُغَيَّرَ (لَا إنْ مَنَعَهُ) أَيْ: الْمَسْجِدَ (غَيْرُهُ) بِأَنْ مَنَعَ الصَّلَاةَ فِيهِ، وَأَبْقَاهُ عَلَى هَيْئَتِهِ فَلَيْسَ كَغَصْبِهِ فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ فِيهِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْمَنْعُ، وَكَذَا لَوْ زَحَمَهُ وَصَلَّى مَكَانَهُ وَيَأْتِي فِي الْجُمُعَةِ إذَا أَقَامَ غَيْرَهُ وَصَلَّى مَكَانَهُ. (وَلَا يُبْطِلُهَا)- أَيْ: الصَّلَاةَ- (لُبْسُ عِمَامَةٍ وَخَاتَمٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُمَا) كَعِمَامَةِ حَرِيرٍ وَخَاتَمِ ذَهَبٍ أَوْ غَصْبٍ (أَوْ خُفٍّ حَرِيرٍ) وَتِكَّةٍ (أَوْ وَضْعُ ثَوْبِ نَحْوِ غَصْبٍ بِنَحْوِ كُمِّهِ)؛ لِأَنَّ النَّهْيَ لَا يَعُودُ إلَى شَرْطِ الصَّلَاةِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهَا، وَيَصِحُّ الْأَذَانُ وَالصَّوْمُ وَالْوُضُوءُ وَالْبَيْعُ وَنَحْوُهُ بِغَصْبٍ، وَكَذَا صَلَاةُ مَنْ طُولِبَ بِرَدِّ وَدِيعَةٍ وَنَحْوِهَا قَبْلَهُ، وَعِبَادَةُ مَنْ تَقَوَّى عَلَيْهَا بِمُحَرَّمٍ. (وَتَصِحُّ) الصَّلَاةُ (بِلَا إعَادَةٍ فَمَنْ حُبِسَ بِغَصْبٍ) بِهِ مَا لَمْ يَكُنْ حُبِسَ بِحَقٍّ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى اسْتِخْلَاصِ نَفْسِهِ، وَفِعْلُ الْعِبَادَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ، وَكَذَا إذَا كَانَ الْمَحْبُوسُ هُوَ الْغَاصِبَ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى رَفْعِ يَدِ نَفْسِهِ عَنْهَا، أَوْ اسْتِئْذَانِ رَبِّهَا فِي صَلَاتِهِ فِيهَا (وَكَذَا) مِمَّنْ حُبِسَ (بـِ) بُقْعَةٍ (نَجِسَةٍ) وَيَرْكَعُ (وَيَسْجُدُ) بِيَابِسَةٍ (وُجُوبًا)؛ لِأَنَّ السُّجُودَ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ، وَمُجْمَعٌ عَلَى فَرْضِيَّتِهِ، وَعَدَمِ سُقُوطِهِ، بِخِلَافِ مُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ (وَيُومِئُ بِرَطْبَةٍ غَايَةَ مَا يُمْكِنُهُ، وَيَجْلِسُ عَلَى قَدَمَيْهِ) تَقْلِيلًا لِلنَّجَاسَةِ لِحَدِيثِ «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» (فَلَا يَضَعُ عَلَى الْأَرْضِ) عُضْوًا مِنْ أَعْضَاءِ الصَّلَاةِ (غَيْرَهُمَا)- أَيْ: الْقَدَمَيْنِ- لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ تَحْصِيلِ شَرْطِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ إبَاحَةُ الْبُقْعَةِ وَطَهَارَتُهَا فَلَمْ يَلْزَمْهُ، كَالْوُضُوءِ فِي حَقِّ مَنْ عَدِمَ الْمَاءَ. (وَيَتَّجِهُ كَغَصْبٍ إكْرَاهٌ دَامَ لِآخِرِ وَقْتِ) الصَّلَاةِ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَكَذَا كُلُّ مُكْرَهٍ عَلَى الْكَوْنِ بِالْمَكَانِ النَّجِسِ وَالْغَصْبُ بِحَيْثُ يَخَافُ ضَرَرًا مِنْ الْخُرُوجِ فِي نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالْمَحْبُوسِ مِنْ أَنَّهُ تَصِحُّ صَلَاتُهُ فِيهِ (وَ) يَتَّجِهُ أَيْضًا (أَنَّهُ إنْ سَجَدَ) الْمَحْبُوسُ بِمَحِلٍّ نَجِسٍ (بِرَطْبَةٍ تَبْطُلُ) صَلَاتُهُ لِمُخَالَفَتِهِ مَا أُمِرَ بِهِ شَرْعًا وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (وَيُصَلِّي) عَاجِزٌ عَنْ سُتْرَةٍ مُبَاحَةٍ (عُرْيَانًا مَعَ) ثَوْبِ (غَصْبٍ)، لِأَنَّهُ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ بِكُلِّ حَالٍ فِي حَالَةِ الضَّرُورَةِ وَغَيْرِهَا، لِعَدَمِ إذْنِ الشَّارِعِ فِي التَّصَرُّفِ فِيهِ مُطْلَقًا، وَلِأَنَّ تَحْرِيمَهُ بِحَقِّ آدَمِيٍّ، أَشْبَهَ مَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا مَاءً مَغْصُوبًا (وَ) يُصَلِّي (فِي) ثَوْبٍ (حَرِيرٍ لِعَدَمِ) غَيْرِهِ وَلَوْ مُعَارًا؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِي لُبْسِهِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ كَالْحَكَّةِ، وَضَرُورَةِ الْبُرْدِ، وَعَدَمِ سُتْرَةٍ غَيْرِهِ، فَقَدْ زَالَتْ عِلَّةُ تَحْرِيمِ الصَّلَاةِ فِيهِ (وَلَا إعَادَةَ) عَلَى مَنْ صَلَّى عُرْيَانًا مَعَ غَصْبٍ أَوْ فِي حَرِيرٍ لِعَدَمِ غَيْرِهِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَ) يُصَلِّي (فِي) ثَوْبٍ (نَجِسٍ لِعَدَمِ) غَيْرِهِ مَعَ عَجْزٍ عَنْ تَطْهِيرِهِ فِي الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ السِّتْرَ آكَدُ مِنْ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ لِوُجُوبِهِ فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجِهَا، وَتَعَلُّقِ حَقِّ الْآدَمِيِّ بِهِ، (وَيُعِيدُ) مَنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ نَجِسٍ لِعَدَمٍ، لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ حَالَتَيْ الصَّلَاةِ عُرْيَانًا، وَالصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ النَّجِسِ عَلَى تَقْدِيرِ تَرْكِ الْحَالَةِ الْأُخْرَى، وَقَدْ قَدَّمَ حَالَةَ التَّزَاحُمِ آكَدُهَا، فَإِذَا زَالَ التَّزَاحُمُ بِوُجُودِهِ ثَوْبًا طَاهِرًا أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ، اسْتِدْرَاكًا لِلْخَلَلِ الْحَاصِلِ بِتَرْكِ الشَّرْطِ الَّذِي كَانَ مَعْذُورًا عَلَيْهِ مِنْ وَجْهٍ، بِخِلَافِ الْمَحْبُوسِ بِمَكَانٍ نَجِسٍ، فَإِنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ الِانْتِقَالِ عَنْهُ بِكُلِّ حَالٍ. (وَيُصَلِّي) مَنْ عِنْدَهُ ثَوْبَانِ نَجِسَانِ (فِي أَقَلِّ الثَّوْبَيْنِ نَجَاسَةً)، وَإِنْ كَانَ طَرَفُ الثَّوْبِ نَجِسًا، وَأَمْكَنَهُ السِّتْرُ بِالطَّاهِرِ مِنْهُ لَزِمَهُ (وَلَا يَصِحُّ نَفْلُ) صَلَاةِ (آبِقٍ)، لِحَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا: «ثَلَاثَةٌ لَا تُقْبَلُ لَهُمْ صَلَاةٌ، وَلَا تَصْعَدُ لَهُمْ حَسَنَةٌ: الْعَبْدُ الْآبِقُ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى مَوَالِيهِ فَيَضَعَ يَدَهُ فِي أَيْدِيهِمْ، وَالْمَرْأَةُ السَّاخِطُ عَلَيْهَا زَوْجُهَا، وَالسَّكْرَانُ حَتَّى يَصْحُوَ» وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ نَفْلُ الْآبِقِ؛ لِأَنَّ زَمَنَهُ مَغْصُوبٌ، بِخِلَافِ فَرْضِهِ، فَإِنَّ زَمَنَهُ مُسْتَثْنًى شَرْعًا. (وَيَتَّجِهُ صِحَّةُ نَفْلِ نَحْوِ صَوْمٍ وَحَجٍّ) مِنْ آبِقٍ لِاخْتِصَاصِ عَدَمِ الصِّحَّةِ بِنَفْلِ الصَّلَاةِ دُونَ فَرْضِهَا، وَمَنْذُورَتِهَا، وَأَمَّا الصَّوْمُ وَالْحَجُّ، فَلَا مَانِعَ مِنْ صِحَّتِهِ نَفْلًا كَانَ أَوْ فَرْضًا وَهُوَ مُتَّجِهٌ.